اخر الأخبار

أين تكون أرض المحشر.

أين أرض المحشر.

أين أرض المحشر التى يحشر فيها الناس يوم القيامة.

تعريف الحشر.

     عرف الراغب الأصفهاني الحشر بأنه: (إخراج مجموعة من الناس من مقرهم او منزلهم)، كما يُطلق الحشر على الإزالة، وقد ورد لفظ الحشر في العديد من الآيات القرآنية، ومنها قول الله _سبحانه وتعالى_: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ}، إلا أنها بمجموعها تدل على العدد الكثير، والجماعة من الناس الموجودين في مكان واحد، وقد ورد عن الإمام القرطبي أن الحشر يُقصد منه: الجمع، وبذلك قال البرديسي، والسفاريني، وقال الإمام الأزهري عن الليث بن سعد (إن الحشر يعني: الجمع، أو المكان الذي تُجمع فيه مجموعة من الناس)، وقال العسكري بأن الحشْر: جمع الناس مع سوقهم، ومن ذلك قد عرف اليوم الآخر ،يوم القيامة بيوم الحشر؛ لأن الناس جميعهم يُحشرون ويُجمعون فيه للحساب، أما المحشَر بفتح الشين، فيُراد به: المصدر، وبكسرها: الموضع، وقال الجوهري بأنه مَوضع الحشر.


أرض المحشر.

أرض المحشر في الدنيا.

     يجتمع الناس كلهم في آخر الزمان في أرض المحشر؛ وهي أرض الشام، وقد ثبت ذلك في العديد من الأحاديث النبوية المروية عن النبي _صلى الله عليه وسلم_، ومنها: (عن ميمونة مَولاة النَّبي عليه أفضل والسلام، عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنها سألته فقالت: أَفْتِنا في بيت المقدس، فقال صلوات ربى وسلامه عليه: أرض المحشر، والمنشر، وائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره)، كما رُوي عن أبي ذر الغفاري _رضوان الله عليه_: (أنهُ سأل رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الصَّلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه فقال صلاة في مسجدي هذا، أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلَّى، هو أرض المحشر والمنشر، ولسوف يأتين على الناس زمان ولقيدُ سَوط أو قال: قوس الرجل حيث يرى منه بيت المقدس؛ خير له أو أحبَ إليه من الدنيا جميعًا).

     ومما يستدل به أيضاً على أن الشام أرض المحشر، ما رُوي عن أبي حكيم أن النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_: (أشار بيديه إلى الشام، فقال: هاهنا إلى هاهنا تحشرون ركبانًا ومشاةً وعلى وجوهكم يوم القيامة، على أفواهكم الفدام، توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله _عز وجل_)، والمقصود بالحشر المذكور سابقاً؛ حشر العباد في الحياة الدنيا على الأرض، وذلك ليس بعد خروجهم من القبور، كما أن النار التى ذكرت هى أيضاً ليست بنار الآخرة.



أرض المحشر في الآخرة.

     يحشر الناس يوم القيامة على أرض مختلفة عن أرض الحياة الدنيا التى كانوا يعيشون عليها؛ استدلالاً بقول الله _سبحانه وتعالى_: {يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزوا لِلَّـهِ الواحِدِ القَهّارِ}، وقد بين النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_ بعض صفات تلك الأرض، وذلك فيما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة _رضوان الله عليه_، أن النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_ قال: (يُحشر الناسُ يوم القيامةِ على أرض بيضاء عفراء، كقرصة نقي قال سهل أو غيره: ليس فيها مَعلمُ لأحد)؛ وقد قيل إن عفراء من العفر، وهو: البياض غير الناصع، وقيل إنه بياض يميل إلى الحمرة قليلاً، وقد قيل إنها خالصة وشديدة البياض، أما معنى قرصة النقي؛ قيل إنها تعني أنها في بياضها تشبه الدقيق النقي من الغش والنخالة، بينما يدل قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: (ليس فيها معلم لأحد) على أنها مستوية كما قال الخطابي، وقال ابن عياض أن المقصود هو أنها لا تحتوي على أية علامة من العلامات التي يهتدى بها في الطريق من بناء، أو صخرة، أو ما فى ذلك، وقال ابن حجر إن في هذا القول إلى أن أرض الدنيا قد ذهبت وانقطعت العلاقة بها، كما قال الداودي إن المقصود أنه لا أحد يملك منها شيئاً إلا ما أدركه منها.

     وذكر ابن حجر ان أرض المحشر في الآخرة ستكون أكبر من الأرض الموجودة في الدنيا التى كان يعيش عليها الخلائق، كما ان الحكمة من انبساطها وصفائها ونقائها تكمن في أن ذلك اليوم يوم حق وعدل فلا يظلم أحد فى ذلك اليوم أبدا، ولذلك اقتضت حكمة الله _عز وجل_ أن يكون المكان طاهراً من المعاصي والظلم، وكي يتجلى الله _سبحانه وتعالى_ لعباده على أرض طاهرة لم تشهد معصية له قط؛ لعظمته، وجلاله، إضافة إلى أن الحُكم فى ذلك اليوم هو لله وحده -عز وجل- لا شريك له، فكان المكان خالصاً له وحده.



أحداث الحشر.

أحداث الحشر في الدنيا.

     تخرج نار من عدن، لتحشر الناس جميعاً في أرض المحشر؛ وتلك علامة من العلامات التي أخبر عنها النبي محمد صلوات ربى وسلامه عليه فيما ثبت في الصحيح عنه في حديث الإمام مسلم سابق الذكر؛ إذ إنه حين يأذن الله _سبحانه وتعالى_ بقيام الساعة، فإنه سبحانه يُخرج ناراً من اليمن؛ لتطرد الناس، وتحشرهم في أرض المحشر.


أحداث الحشر في الآخرة.

     يبعث الله _جل جلاله_ جميع الناس من قبورهم بعد أن يأمر بنفخة البعث، وقد ورد ذلك في قول الله _سبحانه وتعالى_: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ}، وأول الناس بعثاً هو النبي محمد صلوات ربى وسلامه عليه؛ إذ ثبت ذلك في صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_، أن النبي _محمد صلى الله عليه وسلم_ قال: (أنا سَيِدُ ولَد آدم يومَ القيامةِ، وأَولُ مَن يَنشقُّ عنه القبرُ، وأَولُ شافع وأَولُ مُشفَّعٍ).


أنواع الحشر يوم القيامة.

     يتكون الحشر من أربعة أنواع؛ الأول والثاني في الحياة الدنيا، أما فالثالث والرابع فيكونان في الحياة الآخرة حياة البعث والنشور، وبيان كل نوع فيما يلي:


الحشر الأول:

    وهو الذي ذكره الله _سبحانه وتعالى_ في سورة الحشر بقوله: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.


الحشر الثاني:

    وهو الحشر الذي يُجمع فيه الناس قبل يوم القيامة، وهو آخر علامات الساعة الكبرى، وقد ثبت ذلك في صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري _رضوان الله عليه_، عن النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: (اطلع النبي _صلى الله عليه وسلم_ علينا ونحن نَتَذَاكَرُ، فقال: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نذْكرُ الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تشهدون قبلها عشر آيات، فذكر، الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم _عليه السلام_، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وأخيراً نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم).


الحشر الثالث:

    وهو جمع الناس ليوم القيامة بعد البعث على الأرض الجديدة، وقد ثبت ذلك في صحيح البخاري فيما روته أم المؤمنين عائشة _رضوان الله عليها_ من قول النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_: (تُحشرونَ حُفاةً عُراةً غُرلًا قالتْ عائشة: فقلت: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال صلوات ربى وسلامه عليه: الأمر أشدُّ من أن يهمهم ذالك).


الحشر الرابع:

    وهو حشر الناس وجمعهم؛ منهم من يذهب إلى الجنة، والآخر يذهب إلى النار.

هذا والله أعلم بإختصار شديد أرض المحشر وأين تكون وكيف يُحشر الناس فيها يوم القيامة أرجو الله لنا ولكم النجاة ودخول الجنة، وأرجو أيضاً أن يكون الموضوع قد أعجبكم وانتظرونا فى المذيد والمذيد من المواضيع على مدونتكم مدونة الدين والحياة.

وفى الختام زوار ومتابعى مدونتنا الكرام الأفاضل أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

هناك تعليق واحد: