أحداث غزوة أُحد.
غزوة أحد.
غزوة أحد.
وردت الإشارة إلى غزوة أحد في القرآن الكريم في سورة آل عمران، حيث بدأ الحديث عنها بقول الله _سبحانه وتعالى_: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّـهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، واستمر الحديث عنها لستين آية بعدها، وقد اقتضت حكمة الله _عز وجل_ أن تشمل حياة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ الكثير من الأحداث، والأزمات، والصعوبات، والمشاكل، والانتصارات، والنكسات، لتكون تلك الأحداث العظيمة سبباً للتشريع، ودرساً تستفيد منه الأمة الإسلامية فيما بعد، وفي الحقيقة أن معركة أُحد كانت نكسة للمسلمين في عهد رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه، وقد كان السبب في تلك الهزيمة مخالفة فريق منهم لأوامر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، ولكن على الرغم من تلك النكسة إلا إن قريش لم تحقق هدفها ومبتغاها، حيث كان الهدف من غزوة أُحد هو استئصال المسلمين وتأمين طريق التجارة إلى الشام.أحداث غزوة أُحد.
أسباب المعركة.
بعد هزيمة قريش النكراء في معركة بدر وقتل المسلمين للكثير من كبرائهم، سعى زعماء اليهود والمشركين جاهدين لإثارة الحمية الجاهلية في نفوس أهل مكة للانتقام لقتلاهم من رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه والمسلمين، ولاستعادة هيبتهم ومكانتهم بعد أن تزعزعت في عيون العرب بسبب هزيمتهم من المسلمين في معركة بدر، ومن الأسباب التي جعلت القرشيين يسارعون لاتخاذ القرار بغزو المدينة المنورة؛ رغبتهم بتأمين طريق تجارتهم إلى الشام، وطموحهم باستئصال جماعة المسلمين قبل أن تكبر وتتعاظم قوتهم.التحضير للمعركة.
بعد عودة أبي سفيان سالماً بالعير إلى مكة، ذهب إليه بعض من قُتل آباؤهم وإخوانهم وأقاربهم في معركة بدر، وطلبوا منه المعونة بتلك الأموال في حرب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وغزو المسلمين للأخذ بالثأر منهم، فوافق أبو سفيان على طلبهم، وبدأ كفار قريش بالاستعداد لغزو المسلمين، وفي السابع من شوال من العام الثالث للهجرة، خرج أبو سفيان بن حرب على رأس جيش تعداده ثلاثة آلاف مقاتل من كفار قريش، وممن أطاعهم من أهل تهامة وكنانة، وفي الطرف المقابل عقد رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه مجلساً لمشاورة الصحابة _رضوان الله عليهم_ في لقاء العدو، فكان رأي بعضهم الخروج لقتال المشركين خارج المدينة المنورة، وكان الرأي الآخر التحصن والقتال داخل أسوار المدينة، وكان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يرى ذلك، ولكن الغالبية من الصحابة كانوا متحمسين للقتال ويريدون الخروج للقاء الكفار، فأذِنَ النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأمته وخرج بألف مقاتل للقاء العدو في أُحد.وفي الطريق غدر رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بالمسلمين ورجع بثلاثمئة مقاتل، ولما وصل المسلمون إلى موقع أحد، أخذ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ينظم الصفوف، فجعل ظهر الجيش لجبل أحد، ثم كلف صلوات ربى وسلامه عليه فرقة من الرماة تعدادها خمسون مقاتلاً على رأسهم عبد الله بن جبير _رضي الله عنه_ بحماية ظهر الجيش، وأمرهم بعدم ترك مواقعهم مهما كانت النتيجة، حيث قال لهم صلى الله عليه وسلم: [انضحوا الخيل عنَّا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت الدَّائرةُ لنا أو علينا فالزموا أماكنكم، لا تُؤتينَّ من قبلكم].
مجريات المعركة.
بدأت أحداث المعركة بعد اصطفاف المسلمين والمشركين في أرض أُحد، حيث قد اشتعل القتال حول لواء الكفار، وكان من عادات قريش أن يحمل لواءهم بنو عبد الدار، وكانت الراية في بداية المعركة بيد طلحة بن أبي طلحة العبدري الذي كان أقوى وأعظم فرسان كفار قريش، وكان يُلقب بكبش الكتيبة، فخرج على جمل يطلب القتال وهو يقوم بحمل الراية، فلما رآه المسلمون أحجموا عن قتاله لما له من الهيبة ورباطة الجأش، فانطلق نحوه الزبير بن العوام _رضي الله عنه_ كالسهم، وقفز فوق جمله فأسقطه أرضاً وبرك فوقه، ثم قتله، فلما رأى رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه الزبير بن العوام يقتل كبش الكتيبة قال: [إنَّ لكل نبيٍّ حواريًّا وحواريَّ الزُّبير].التحمت الصفوف وارتفع لهيب المعركة، وأسرع عثمان بن أبي طلحة العبدري شقيق كبش الكتيبة نحو لواء المشركين ورفعه، فلحق به حمزة بن عبد المطلب _رضي الله عنه_ وقام بقتله، فحمل اللواء أخوهم الثالث أبو سعدة، فأسرع إليه سعد بن أبي وقاص _رضي الله عنه_ وقضى عليه، ثم خرج مسافع بن طلحة بن أبي طلحة فقُتل، ثم خرج كلاب بن طلحة بن أبي طلحة فقُتل، ثم الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة فقُتل أيضاً، فكانت مأساةً بالنسبة لبيت أبي طلحة العبدري، حيث قُتل منهم ستّة الواحد تلو الآخر.
أصر بنو عبد الدار على رفع الراية على الرغم من كل ذلك، فكان كلما قُتل أحد أخذها الآخر، حتى قُتل عشرة من بني عبد الدار، فخرج مولى حبشي لبني عبد الدار اسمه صواب ورفع راية المشركين، وقاتل قتالاً أشد من السابقين جميعاً، حتى قطعت يده، ثم قطعت الأخرى، ثم قُطع رأسه وسقطت راية المشركين ولم يرفعها أحد، ولما شاهد المسلمون ما حل براية الكفار ارتفعت معنوياتهم، وخارت عزائم المشركين، وانتفض أبطال المسلمين ومنهم حمزة بن عبد المطلب، وأبو دجانة، ومصعب بن عمير _رضوان الله عليهم_ جميعاً، وأخذوا يخترقون صفوف الكفار، ويقتلونهم ذهاباً وإياباً، وما هو إلا وقت قصير حتى بدأ جيش قريش بالهروب من أرض المعركة، تاركاً وراءه النساء، حتى قال الزبير بن العوام: (لقد رأيت خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير).
مخالفة الرماة لأمر النبي.
ظن الرماة أن المشركين لن يعودوا بعد فرارهم، فنزل عدد منهم طلباً للغنيمة، وخالفوا أمر النبي _صلى الله عليه وسلم_ بعدم ترك أماكنهم، وعلى الرغم من تذكير أميرهم لأمره صلى الله عليه وسلم إلا إنهم أصروا على ترك مواقعهم، وعندها لمح خالد بن الوليد تلك الثغرة، وكان في ذلك الوقت في صفوف المشركين، فالتف من خلف الجبل ومعه فرقة من فرسان قريش، وقتلوا من تبقى من الرماة على الجبل، وانكشف ظهر جيش المسلمين لخالد فضربهم من الخلف، فاضطربت صفوفهم، ووقع القتل فيهم، ورجع جيش المشركين وأحاط بالمسلمين من جميع الاتجاهات، وأخذوا بالانسحاب من أرض المعركة، وانقلب النصر المحقق إلى نكسة عظيمة.وصل المشركون إلى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، ولكن الصحابة _رضوان الله عليهم_ استبسلوا بالدفاع عنه حتى قُتل عشرة منهم، وتصدى طلحة بن عبد الله _رضي الله عنه_ لهم حتى شُلت يده، ثم اجتمع المسلمون حول النبي _عليه أفضل الصلاة والسلام_، وصعدوا به إلى شعب في الجبل، ثم غسل علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ الدم عن وجه رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه وسكب الماء على رأسه، وسرعان ما حزم الكفار أمتعتهم وتوجهوا تلقاء مكة مخلفين وراءهم اثنان وعشرون قتيلاً، أما المسلمون فكان عدد قتلاهم سبعون شهيداً.
هذا والله أعلم وبإختصار قصة غزوة أحد التى قد انقلب الحال على المسلمين من الفوز إلى الهزيمة أرجوا ان تنول إعجابكم، وانتظرونا فى كل ما هو جديد فى مدونتكم مدونة الدين والحياة.
وفى الختام زوار ومتابعى مدونتنا الكرام الأفاضل، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات